الجمعة، 14 أكتوبر 2011

النهاية الخالدة





على الإخـوة الركاب المسـافرين على الرحـلة رقم...والمتوجهة إلى... التوجـه إلى صـالة المغادرة،استعـداداً للسفـر.دوى هذا الصـوت في جنبـات مبنى المطـار،أحـد الدعـاة كان هنـاك جـالساً في الصـالة،وقد حـزم حقـائبه وعـزم على السفر لهذه البلـد للدعـوةإلى الله عـز وجـل. سمع هذا النـداء فأحـس بامتعـاض في قلبـه، إنه يعلـم لمـاذا يسـافر كثيـر من النـاس إلى تلك البـلاد وخـاصةً الشبـاب، وفجـأة لمـح هذا الشيخ الجليـل شـابين في العشرين من عمـرهما وقد بـدا من ظاهرهمـا ما يدل على أنهما لا يريـدان إلا المتعـة الحـرام من تلك البـلاد التي عـرفت بذلك.
 

فقـال الشيـخ في نفسه لابدّ من إنقـاذهما قبـل فوات الأوان وعزم على الذهـاب إليهما ونصحهمـا، فوقـف الشيطـان في نفسه وقـال له : ما لك ولهما دعهمـا يمضيـان في طريقهما إنهمـا لن يستجيبـا لك ولكن الشيـخ كان قوي العـزيمة ثـابت الجـأش عالماً بمداخل الشيطـان ووسـاوسه فبصـق في وجـه الشيطـان، ومضى في طريقه لا يلوي على شيء. وعند بوابـة الخـروج استوقف الشـابين بعد أن ألقى عليهما التحيـة ووجه إليهمـا نصيحـة مؤثـرة، وموعظة بليغة، وكان ممـا قاله لهما: ما ظنكمـا لو حدث خلل في الطـائرة، ولقيتمـا لا قـدر الله حتفكما وأنتمـا على هذه النيـة قد عزمتمـا على مبـارزة الجبار جل جلاله، فأي وجـه ستقابلان ربكمـا يوم القيـامة.

فذرفت عينـا الشابين، ورق قلباهما لموعظة الشيـخ، وقامـا على الفور بتمزيق تذاكـر السفر وقـالا: يا شيخ:

لقد كذبنـا على أهلينا وقلنـا لهم إننـا ذاهبـان إلى مكـة أو جـدة فكيف الخـلاص ماذا نقول لهم وكـان مع الشيخ أحـد طلابه.

فقال: اذهبـا مع أخيكمـا هذا، وسوف يتـولى إصلاح شأنكما ومضى الشابـان مع صـاحبهما وقد عزمـا على أن يبيتا عنـده أسبوعـاً كاملاً، ومن ثـم يعودا إلى أهلهما. وفي تلك الليلة وفي بيـت ذلك الشـاب " تلميذ الشيخ " ألقى أحـد الدعاة كلمة مؤثـرة زادت من حماسهما وبعـدها عزم الشابـان على الذهـاب إلى مكـة لأداء العمـرة.

وهكذا: أرادا شيئـاً وأراد الله شيئـاً آخر، فكان ما أراد الله عـز وجل، وفي الصبـاح وبعد أن أدى الجميع صـلاة الفجر انطلق الثلاثة صوب مكـة شرفها الله بعد أن أحـرموا من الميقـات. وفي الطريق كـانت النهايـة.. وفي الطريق كانت الخـاتمة.. وفي الطريق كان الانتقـال إلى الدار الآخـرة، فقد وقع لهم حـادث مروّع ذهبوا جميعـاً ضحية، فاختلطت دمـاؤهم الزكية بحطام الزجاج المتناثـر ولفظوا أنفاسهم الأخيـرة تحت الحطـام وهم يرددون تلك الكلمـات الخـالدة: "لبيـك اللهم لبيـك، لبيـك لا شـريك لك لبيـك". كم كان بين موتهما وبين تمزيق تذاكـر سفرهما لتلك البـلاد المشبـوهة إنهـا أيـام، بل ساعـات معدودة ولكن الله أراد لهما الهدايـة والنجـاة، ولله الحكمة البـالغة سبحـانه.

@@@

وقفة: إذا نازعتك نفسـك الأمـارة بالسوء إلى معصيـة الله ورسوله فتذكر هـادم اللذات وقـاطع الشهوات ومفرّق الجماعات " المــوت " واحذر أن يأتيك وأنت على حـال لا ترضي الله عز وجل فتكون من الخـاسرين، وشتـان بين من يموت وهو في أحضـان المومسـات، ومن يمـوت وهو سـاجد لرب الأرض والسمـاوات. شتان بين من يموت وهو عـاكف على آلات اللهو والفسـوق والعصيـان، ومن يمـوت وهو ذاكـر لله الواحـد الديـان، فاختر لنفسك ما شئـت

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق